بدعة المولد النبوي الشريف!

كان يوم الشيخ سرحان يسير كالساعة، فقد كان في غاية السعادة بعد عودته من الحج عصر الخميس، وكان يخبر كل من يقابله من الأهل والأصدقاء والجيران بالتطبيق الجديد الذي تستخدمه المملكة العربية السعودية لتنظيم حركة الحجاج إلى بيت الله الحرام، بل إنه قال إن الأخطاء التي تحدث هي خطأ الشخص نفسه، فالتطبيق يشبه ملصقات السيارات التي تضعها إدارات المرور في مصر، فهو يعرف مكان كل حاج!

ويتحدث بفرح عن الخدمات المقدمة للحجاج، من القطار بين المشاعر المقدسة، إلى رش الماء المثلج، إلى تكييف المسجد الحرام، إلى الرخام الذي حول أرض الحرم إلى ما يستحقه بيت الله الحرام، إلى كناسات الغبار والقمامة، إلى المآذن الشامخة، وإلى ماء زمزم الذي تعبئه السلطات السعودية في زجاجات لزوار البيت ليحملوها إلى أهليهم في كل مكان في العالم.. حتى أنه حملها بنفسه لأهله وأصدقائه، ثم يدعو لكل واحد منهم أن يجعل الله الحج من نصيبه في العام القادم!

بعد يوم طويل من الحديث شكر الله كثيراً على فضله وكرمه بزيارة بيته الحرام.. الأمنية التي حلم بها منذ زمن.. لكنه مستعجل للعودة إلى واجبه في دعوة الناس إلى الإسلام.. سيستيقظ مبكراً لصلاة الفجر في الركن المجاور للبيت.. اليوم سيستغني عن إذاعة القرآن الكريم عبر الإذاعة المصرية، حيث بدأ يتشارك معها القنوات الفضائية للقرآن فقط..

ولكنه لن يستخدم هذه القنوات حتى ليبارك البيت بآيات الله الحكيم.. بل سيستخدم هذه المرة فلاشة صغيرة جداً سيضعها في جهاز صغير يسجل عليها القرآن كاملاً، لكنها تتضمن القرآن وتفسيره، ويحتاج أن يكون مستيقظاً.. بل سيستمع من الفلاشة حتى الصباح على صوت المقرئ السعودي الشيخ أبو بكر الشاطري الذي سيقرأ حتى ينبهه الجهاز بقرب أذان الفجر، فيؤذن وقت الصلاة حسب توقيت البلد الذي يعمل فيه!

يستيقظ الشيخ سرحان في الوقت المناسب، ويتوضأ ويتطيب ويتجمل، ثم يذهب لصلاة الفجر، يستأذن في الأذان، ويتأكد من قوة مكبرات الصوت وتأثيرها على المكان، وما حول المكان وما حوله، وبعد الصلاة يستأذن سريعاً، لأن زوجته وأولاده ينتظرونه لتناول الإفطار معه، ثم يعدهم باللقاء عند صلاة ظهر الجمعة.

أي أنه بعد عدة ساعات يأخذ قسطاً من الراحة مرة أخرى، ولكنه لم ينس أن يقدم لبعضهم هدايا الحج.. مسبحة وسجادة صلاة.. كلها من النوع الفاخر.. يؤكدون له أنه خطيب الجمعة.. فشكرهم وانصرف!

وفي خطبة الجمعة يتحدث الشيخ سرحان عن فضائل الحج وأثره الروحي على كل من يؤدي مناسكه، كما يتحدث عن المشاعر في الأماكن المقدسة حول بيت الله الحرام وما حوله، وكيف سهل التقدم زيارة البيت، نافياً أي عذر يتعلق بصعوبة السفر.

تمر الأيام ويقترب المولد النبوي الشريف.. ويصادف أن يتم اختيار خطيب لصلاة الجمعة.. وتكون الخطبة عن بدع آخر الزمان ومنها الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكيف أنها بدعة لا علاقة لها بالدين.. ولم تكن موجودة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الخلفاء الراشدين من بعده، ولا في عهد التابعين، ولا أتباع التابعين! وأننا يجب أن نستخدم عقولنا ونفكر قبل أن نمارس شيئاً لا علاقة له بالدين وغريب عنه!

تنتهي الصلاة.. يفتح الشيخ سرحان هاتفه المحمول بعد إغلاقه للصلاة.. ينصح بإطفاء المراوح وتخفيف الإضاءة ويوجه بتشغيل مكبر الصوت قبل كل صلاة، ثم يتحدث عن جهازه الصغير الذي يؤذن للصلاة آلياً دون برمجة في البلد الذي يحمله إليه! ولا حول ولا قوة إلا بالله.