الرأي المفيد

الرفاعي عيد يكتب..استشهاد السنوار «دعوة للتفكير والتكفير»

عندما يسقط قائد حقيقي، تتزلزل معه الأرض التي اعتاد أن يمشي عليها بشموخ، وتتمزق معه الحكايات التي طالما نسجتها الأيام حوله.

استشهاد يحيى السنوار، القائد البارز لحركة حماس، ليس مجرد حدث سياسي أو عسكري في حياة الشعب الفلسطيني، بل هو لحظة تجسد فيها الألم والفخر،لحظة الدعوة للتفكير والمراجعة، وربما أيضًا دعوة للتكفير عن الخطايا التي اقترفها التاريخ والإنسانية على مر عقود مضت من الظلم والقتل ومزيد من المذابح لشعب أعزل.

يحيى السنوار لم يكن مجرد رجل يقود كتيبة أو ينظم صفوفًا، بل كان رمزًا لمعاناة شعب بأكمله، وجهًا لإصرار وتحدٍ لا يعرف حدودًا.. ناضل السنوار كغيرة من الأبطال لأجل قضية أكبر من نفسه، لأجل وطن مغتصب وأرض مسلوبة، فارتبط اسمه بالكفاح، ووجد طريقه من ظلمات السجون إلى قيادة الصفوف في معركة لم تتوقف منذ عقود، لكنه أيضًا كان هدفًا لأعداء يرونه عقبة في طريق السيطرة والهيمنة، وكأن استهداف السنوار هو محاولة لقتل الروح التي لا تموت، روح الشعب الذي لم ولن يستسلم، والتاريخ على ذلك خير شاهد.

في استشهاد السنوار، تتجلى دعوة واضحة للتفكير في المعنى الأوسع للمقاومة، في القضية التي أُريقت من أجلها دماء لا تُحصى.. هذا الحدث الذي يجبر الجميع على الوقوف عند مفترق الطرق: ما الذي يريده العالم من هذا الشعب المحاصر؟ ما الذي بقي من الحقوق المسلوبة والكرامة المهانة؟ وهل يمكن لأي عملية اغتيال أو تصفية جسدية أن تمحو حلمًا عاش في قلوب الملايين؟

إنه ليس مجرد رجل استشهد في ساحة المعركة، بل هو رمز لمعركة أعمق، معركة بين الحق والباطل، بين الكرامة الإنسانية والاضطهاد، وفي رحيله، تظهر ضرورة التفكير في تلك المبادئ التي يجب أن تحرك الجميع، فكيف وصلنا إلى هذا الحد؟ وما هو المسار الذي يجب أن نسلكه لتحقيق العدالة والسلام لشعب يباد بعين انسانية دولية قريرة ومطمئنة تمامَا.

 

استشهاد السنوار أيضًا دعوة للتكفير عن الذنوب التي تراكمت على مر السنين، ذنوب الأجيال التي أغفلت حقوق الشعب الفلسطيني، الذنوب التي تمثلت في الصمت الدولي المخجل أمام الجرائم التي تُرتكب بحقه،. إنه دعوة للتكفير عن الخطايا التي ارتكبتها الحضارات الكبرى والدول العظمى التي تبنت سياسات القوة على حساب العدالة والإنسانية.

 

استشهاد السنوار ليس نهاية القصة، بل هو دعوة للعالم لإعادة النظر في السياسات التي تسببت في هذه المأساة المستمرة، إنها دعوة للتكفير عن الدماء التي أريقت والأحلام التي سُحقت، ألم يحن الوقت للتكفير عن الأخطاء وإعادة كتابة القصة من منظور مختلف وبأيدٍ عربية؟ منظور يضع الإنسان والعدالة في مركز الاهتمام؟

السنوار، كما كان في حياته، يواصل في استشهاده أن يكون نقطة التقاء للأفكار المتضاربة، دعوة للمراجعة الذاتية والتفكر، فالشهادة ليست فقط في الموت على جبهة المعركة، بل هي في الصمود في وجه الظلم والوقوف بثبات حتى النهاية، الشهادة نور ترسم الطريق وتضيء للأجيال المقبلة طريقًا نحو الأمل والمقاومة.

ومثل كل الشهداء، يبقى السنوار حيًا في القلوب والعقول.. فالشهادة التي نالها الرجل ليست موتًا بقدر ما هي ولادة جديدة لقضية لا تنتهي، وكما قال محمود درويش: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، فإن السنوار ومن هم على شاكلته لم يكونوا إلا تجسيدًا لهذه الحقيقة.

أقسام تهمك:

وأخيرًا يا صديقي.. استشهاد يحيى السنوار ليس مجرد حادثة عابرة في سجل التاريخ، بل هو دعوة لنا جميعًا للتفكير في معاني المقاومة، التضحية، الكرامة.. وهو أيضًا دعوة للتكفير عن الأخطاء التي ساهمت في استمرار الظلم والاضطهاد،لعل استشهاده يحمل رسالة أقوى من حياته،فالمقاومة ليست مجرد سلاح يحمل، بل هي حق يتأصل في القلوب، وحلم يستمر في الحياة حتى بعد أن يتوقف نبض القلب.

 

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى