هل حرام التبرع بالاعضاء بعد الموت..بين الفقه والأخلاقيات الطبية

يُعدّ التبرع بالأعضاء بعد الموت قضيةً أخلاقيةً ودينيةً شائكةً أثارت جدلاً واسعًا على مرّ العصور. ومع التطورات الطبية الهائلة في مجال زراعة الأعضاء، ازدادت الحاجة إلى أعضاءٍ قابلةٍ للزراعة، ممّا دفع بالكثيرين للتساؤل عن حكم التبرع بالأعضاء من وجهة نظر الإسلام.

أولاً: موقف الإسلام من التبرع بالأعضاء:

ينقسم العلماء المسلمون في مسألة التبرع بالأعضاء إلى رأيين رئيسيين:

1. الرأي الأول: جواز التبرع بالأعضاء:

يرى هذا الرأي أنّ التبرع بالأعضاء بعد الموت جائزٌ شرعًا، مستندين إلى العديد من الأدلة، منها:

• عدم وجود نصٍّ شرعيٍّ صريحٍ يُحرّم التبرع بالأعضاء.
• أنّ التبرع بالأعضاء يُعدّ من الإحسان في الإسلام، حيث يُساعد على إنقاذ حياة المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة أعضاء.
• أنّ الإسلام حثّ على حفظ النفس، والتبرع بالأعضاء يُساهم في تحقيق ذلك من خلال إنقاذ حياة الآخرين.
• أنّ جسد الإنسان بعد الموت يصبح مِلْكًا لله تعالى، والله سبحانه وتعالى له الحقّ في التصرف فيه.

2. الرأي الثاني: تحريم التبرع بالأعضاء:

يُحرم هذا الرأي التبرع بالأعضاء بعد الموت، مستندين إلى بعض الأدلة، منها:

• أنّ بيع الأعضاء أو التبرع بها يُعدّ بيعًا لجسم الإنسان، وهذا محرّمٌ في الإسلام.
• أنّ التبرع بالأعضاء قد يُؤدّي إلى تشويه جسد الميت، وهذا يُنافي حرمة كرامة الإنسان.
• أنّ بعض العلماء يخشون من أن يُؤدّي التبرع بالأعضاء إلى الفتك بالجسد، وهذا محرّمٌ في الإسلام.

ثانياً: شروط جواز التبرع بالأعضاء:

يُشترط لجواز التبرع بالأعضاء بعد الموت، وفقًا للرأي القائل بجوازه، عدة شروط، منها:

• أن يكون المتبرع قد وافق على التبرع بإرادته الحرة.
• أن لا يُلحق التبرع ضررًا بجسد المتبرع.
• أن يتمّ التبرع بالأعضاء بعد التأكد من وفاة المتبرع موتًا شرعيًا.
• أن يتمّ استخراج الأعضاء وزراعتها وفقًا للمبادئ الطبية والأخلاقية.

ثالثًا: ضوابط أخلاقية لعملية التبرع بالأعضاء:

• الحصول على موافقةٍ صريحةٍ من المتبرع أو أهله.
• مراعاة كرامة المتبرع وجسده.
• التأكد من موت المتبرع موتًا شرعيًا.
• العدالة في توزيع الأعضاء على المرضى المحتاجين.
• منع الاتجار بالأعضاء.

رابعًا: خاتمة:

يُعدّ التبرع بالأعضاء بعد الموت قرارًا شخصيًا هامًا، يجب اتخاذه بعد دراسةٍ متأنيةٍ وفهمٍ لجميع جوانبه الدينية والأخلاقية والطبية. ولكن، لا شكّ أنّ التبرع بالأعضاء يُمثل عملاً نبيلًا يُساعد على إنقاذ حياة العديد من المرضى، ويُضفي على المتبرع أسمى معاني الإنسانية والإيثار.

أسئلة شائعة حول التبرع بالأعضاء بعد الموت:

1. هل التبرع بالأعضاء بعد الموت حرام؟

يختلف الحكم الشرعي للتبرع بالأعضاء بعد الموت بين العلماء المسلمين، مع وجود آراء قوية تدعم جواز ذلك.

• جواز التبرع: يرى الكثير من العلماء المعاصرين أن التبرع بالأعضاء بعد الموت جائز شرعاً، مستندين إلى العديد من الأدلة الشرعية والنظرية، وتشمل:
  • إنقاذ الأرواح: يُعدّ التبرع بالأعضاء وسيلة لإنقاذ حياة المرضى الذين يعانون من أمراض عضوية خطيرة، وتُعتبر هذه من أهمّ مقاصد الشريعة الإسلامية.
  • الإيثار والبر: يُجسّد التبرع بالأعضاء قيم الإيثار والبذل والعطاء، وهي من صفات المؤمنين التي حثّت عليها الشريعة الإسلامية.
  • عدم وجود نص شرعي صريح يمنع التبرع: لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة نصٌّ صريحٌ يمنع التبرع بالأعضاء، وإنّما استند بعض من يرى حرمته إلى أحاديث ضعيفة أو فهم خاطئ للنصوص الشرعية.
• تحريم التبرع: يرى بعض العلماء أنّ التبرع بالأعضاء بعد الموت حرام، مستندين إلى بعض الأدلة الشرعية، تشمل:
  • كرامة الجسد: يرون أنّ إزالة الأعضاء من جسد المتوفى تُمثّل مساساً بكرامته، وأنّ الواجب هو احترام حرمة الجسد بعد الموت.
  • عدم التأكد من الموت: يخشى بعض العلماء من إمكانية إعلان وفاة الشخص بينما هو على قيد الحياة، ممّا قد يؤدّي إلى أخذ أعضائه دون وجه حق.

2. ما هي شروط التبرع بالأعضاء بعد الموت؟

تختلف شروط التبرع بالأعضاء بعد الموت بين الدول، ولكن بشكل عام تشمل الشروط التالية:

• الموافقة الصريحة للمتبرع: يجب أن يكون المتبرع قد عبّر عن موافقته على التبرع بأعضائه بشكل صريح، سواءً كتابةً أو شفهياً، ويفضل أن تكون موافقته موثقة في سجلات طبية أو لدى جهة رسمية.
• الأهلية القانونية: يجب أن يكون المتبرع بالغاً عاقلاً راشداً وذا أهلية قانونية كاملة للتبرع بأعضائه.
• الرضا العائلي: في بعض الدول، قد يُطلب من عائلة المتبرع الموافقة على التبرع بأعضائه، خاصةً إذا لم تكن موافقته موثقة بشكل رسمي.
• عدم وجود موانع طبية: يجب أن يكون المتبرع في صحة جيدة ولا يعاني من أي أمراض مُعدية أو أمراض قد تُؤثّر على جودة الأعضاء.

3. ما هي فوائد التبرع بالأعضاء بعد الموت؟

يُعدّ التبرع بالأعضاء بعد الموت عملاً إنسانياً ذا فوائد جمة، وتشمل:

• إنقاذ الأرواح: يُساهم التبرع بالأعضاء في إنقاذ حياة العديد من المرضى الذين يعانون من أمراض عضوية خطيرة مثل أمراض الكلى والقلب والكبد والرئتين.
• تحسين نوعية الحياة: يُتيح التبرع بالأعضاء للمرضى الذين يعانون من أمراض عضوية خطيرة فرصة العيش بحياة طبيعية ونشطة وتحسين نوعية حياتهم بشكل كبير.
• تقليل معاناة المرضى: يُساعد التبرع بالأعضاء على تقليل معاناة المرضى الذين ينتظرون زراعة عضو لتحسين حالتهم الصحية.
• نشر ثقافة التكافل والتضامن: يُساهم التبرع بالأعضاء في نشر ثقافة التكافل والتضامن بين أفراد المجتمع وإعلاء قيم العطاء والإيثار.

هل أعجبك هذا المقال؟   شاركنا رأيك!   هل وجدته مفيدًا أو ممتعًا؟ إن كان كذلك، فساعدنا في نشر المعرفة!

شارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر البريد الإلكتروني..كل مشاركة تُسهم في وصولنا إلى المزيد من الأشخاص ومشاركة محتوى هادف معهم و شكرًا لك على دعمك!

نُسعد بزياراتكم لمنصات “المفيد نيوز”  فيسبوك  تويتر   لينكد إن  بنترست يوتيوب   
                                       معًا ننشر المعرفة ونُثري العقول!

___________________________